موسوعة مصر القديمة (الجزء الثالث): في تاريخ الدولة الوسطى ومدنيتها وعلاقتها بالسودان والأقطار الآسيوية والعربية
تاريخ الدولة الوسطى
تعتبر الدولة الوسطى من الفترات الهامة في تاريخ مصر القديمة، حيث شهدت استقراراً سياسياً واقتصادياً بعد فترة من الاضطرابات. بدأت هذه الفترة حوالي عام 2055 قبل الميلاد واستمرت حتى عام 1650 قبل الميلاد. خلال هذه الحقبة، تم توحيد البلاد تحت حكم الملك منتوحتب الثاني، مما ساهم في تعزيز السلطة المركزية وتطوير البنية التحتية.
مدنية الدولة الوسطى
تميزت مدنية الدولة الوسطى بتقدم كبير في مجالات الفن والأدب والعمارة. تم بناء المعابد الضخمة والمقابر المعقدة التي تعكس مهارات الحرفيين المصريين. كما ازدهرت الكتابة الأدبية، حيث كتب العديد من الشعراء والكتّاب نصوصاً أدبية تعبر عن الحياة اليومية والدينية.
علاقة مصر بالسودان والأقطار الآسيوية والعربية
لعبت مصر دوراً محورياً في العلاقات التجارية والثقافية مع السودان والدول الآسيوية والعربية. كانت التجارة مع السودان مزدهرة، حيث تبادل المصريون السلع مثل الذهب والعبيد مع جيرانهم في الجنوب. كما تأثرت الثقافة المصرية بالاتصالات مع الدول الآسيوية، مما أدى إلى تبادل الأفكار والفنون.
أهمية الكتاب ومؤلفه
يعد كتاب "موسوعة مصر القديمة (الجزء الثالث)" للمؤلف سليم حسن مرجعاً هاماً لدراسة تاريخ الدولة الوسطى ومدنيتها. يقدم الكتاب تحليلاً شاملاً للأحداث التاريخية ويستعرض العلاقات بين مصر وجيرانها، مما يجعله مصدراً قيماً للباحثين والمهتمين بتاريخ الحضارة المصرية القديمة.
«مَثَلُ الباحثِ في تاريخِ الحَضارةِ المِصريةِ القديمةِ كَمَثَلِ السائحِ الذي يجتازُ مَفازةً مُترامِيةَ الأَطْراف، يَتخلَّلُها بعضُ وُدْيانٍ ذاتِ عُيونٍ تَتفجَّرُ المياهُ مِن خِلالِها، وتلك الوُدْيانُ تَقعُ على مَسافاتٍ في أرجاءِ تلكَ المَفازةِ الشاسعةِ، ومِن عُيونِها المُتفجِّرةِ يُطفئُ ذلك السائحُ غُلَّتَه ويَتفيَّأُ في ظِلالِ وَادِيها؛ فهوَ يَقطعُ المِيلَ تِلوَ المِيلِ عدَّةَ أيام، ولا يُصادِفُ في طَريقِهِ إلا الرِّمالَ القاحِلةَ والصَّحاري المَالحةَ، على أنَّهُ قد يَعترِضُهُ الفَينةَ بعدَ الفَينةِ بعضُ الكلَأِ الذي تَخلَّفَ عَن جُودِ السَّماءِ بمائِها في فَتراتٍ مُتباعِدة؛ هكذا يَسيرُ هذا السَّائحُ ولا زادَ مَعَه ولا ماءَ إلا ما حَمَلهُ مِن آخِرِ عَينٍ غادَرَها، إلى أنْ يَستقِرَّ به المَطافُ في وادٍ خَصيبٍ آخَر، وهُناك يَنعَمُ مرَّةً أُخرى بالماءِ والزَّاد، وهَذِه هي حَالةُ المُؤرِّخِ نفسِهِ الذي يُؤلِّفُ تاريخَ الحضارةِ المِصريةِ القَدِيمة، فالمَصادرُ الأصْليةُ لديهِ ضَئِيلةٌ سَقِيمةٌ جدًّا لا تتصلُ حَلقاتُ حَوادثِها بعضُها ببعض، فإذا أُتيحَ له أن يَعرِفَ شَيئًا عَن ناحيةٍ مِن عَصرٍ مُعيَّنٍ مِن مَجاهلِ ذلكَ التَّارِيخ، فإنَّ النَّواحيَ الأُخْرى لذلكَ العَصرِ نفسِهِ قد تَستعْصِي عليه، وقَد تَكونُ أبوابُها مُوصَدةً في وجهِه؛ لأنَّ أخبارَ تِلكَ النَّواحي قدِ اختفتْ إلى الأَبد، أو لأنَّ أسرارَها ما تزالُ دَفينةً تحتَ تُربةِ مصرَ لم يُكشَفْ عنها بَعدُ.»