تعتبر حركة الترجمة في مصر خلال القرن التاسع عشر من الفترات الحيوية التي ساهمت في تشكيل الثقافة والمعرفة في البلاد. فقد كانت هذه الحركة جسرًا بين الحضارات، حيث ساعدت على نقل الأفكار والعلوم من الغرب إلى الشرق. وقد أدت هذه الترجمات إلى تعزيز التعليم وتطوير الفكر النقدي بين المثقفين المصريين.
أبرز المترجمين وأعمالهم
برز عدد من المترجمين الذين كان لهم دور بارز في هذه الحركة، منهم:
رفاعة الطهطاوي: الذي قام بترجمة العديد من الأعمال الأدبية والعلمية، مما ساهم في نشر المعرفة الحديثة.
محمود محمد شاكر: الذي اهتم بترجمة الأدب الغربي الكلاسيكي، مما أثرى المكتبة العربية.
عبد الله النديم: الذي عمل على ترجمة النصوص السياسية والفكرية، مما ساعد في تشكيل الوعي الوطني.
التحديات التي واجهتها الحركة
على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققتها حركة الترجمة، إلا أنها واجهت العديد من التحديات. كان هناك نقص في الموارد المالية والدعم الحكومي، بالإضافة إلى مقاومة بعض الأوساط التقليدية لفكرة التحديث والتغيير. كما أن اللغة العربية كانت بحاجة إلى تطوير لتناسب المفاهيم الجديدة التي تم إدخالها عبر الترجمات.
الإرث الثقافي لحركة الترجمة
تركز الإرث الثقافي لحركة الترجمة على تعزيز الهوية الوطنية وفتح آفاق جديدة للمعرفة. فقد أسهمت هذه الحركة في إرساء أسس النهضة الثقافية التي شهدتها مصر في القرن العشرين. كما أن تأثيرها لا يزال واضحًا حتى اليوم، حيث تستمر جهود الترجمة في إثراء المحتوى العربي وتعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة.
الترجمة هي نقطة الالتقاء بين الأنا والآخر، وهي السبيل الذي من خلاله نستطيع أن ننهل من علوم وآداب الأمم الأخرى؛ حيث يمكننا تقييم مدى تقدمنا قياسًا بالأمم التي نترجم عنها، ويقاس مدى تقدم الأمم من خلال تعداد الكتب التي تترجم عنها. وقد جاءت حركة الترجمة المصرية متأخرة؛ نتيجة ما كانت تعانيه مصر من عزلة فرضها عليها كلًّا من المماليك والعثمانيين، ومع دخول الحملة الفرنسية إلى مصر (١٧٩٨م – ١٨٠١م)، قام عددٌ من المستشرقين الفرنسيين بترجمة المراسيم الإدارية للعربية، كما ترجمت بعض الكتب إلى الفرنسية، وقد كانت أولى إرهاصات الترجمة إلى العربية كتاب «الأمير» لميكافيللي الذي تُرجم عام ١٨٢٥م، ومع إنشاء «مدرسة الألسن» عام ١٨٣٥م؛ اتسعت حركت الترجمة وتقدمت بشكل كبير، وقد ركزت الترجمة المصرية في القرن التاسع عشر على الكتب المكتوبة بالفرنسية.